صحف إيران: بدء الصراع على خلافة رئيسي و"مؤامرة خارجية" وراء مصرعه
تشير إلى احتمال "تورط" إسرائيل
لا تزال قضية مصرع الرئيس الإيراني ووزير خارجيته في حادث سقوط مروحيته هي الموضوع الأبرز في تغطية الصحف الإيرانية اليومية، التي تحاول أن تغطي أبعاد هذا الحدث وتداعياته على المستقبل السياسي في إيران، وانعكاساته على سياسات طهران الإقليمية والدولية.
وكما هو متوقع دأبت الصحف الموالية للحكومة في الثناء على رئيسي و"إنجازاته" على الصعيد الداخلي والخارجي، مدعية أن الرئيس الراحل ترك سجلا حافلا بالعطاء والإنجازات، وهو ما يتعارض مع ما نشرته تقارير حقوقية وبيان منظمة العفو الدولية، التي أكدت أن الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي ترك "سجلا مشؤوما" في مجال حقوق الإنسان، وشهدت البلاد الكثير من الجرائم ضد الإنسانية في عهده، سواء عندما كان مسؤولا في القضاء أو عندما اختير رئيسا للجمهورية عام 2021، وفق "إيران إنترناشيونال.
كما سلطت الصحف الموالية للنظام خبر تشييع رئيسي ومرافقيه، والتجول بهم في مدن تبريز ثم طهران وقم لينقل جثمان رئيسي إلى مشهد، شمال شرقي إيران، فيما يُدفن الآخرون في طهران وتبريز.
في سياق متصل قالت صحيفة "كيهان"، المقربة من المرشد علي خامنئي، إن بعض المعارضين للنظام الإيراني ظنوا أن طهران ستغير من سياساتها الخارجية تجاه القضية الفلسطينية بموت رئيسي وعبداللهيان، لكن ذلك ليس صحيحا، مشيرة إلى تأكيد خامنئي استمرار إيران في نهجها السابق حول هذه القضية.
وأوضحت الصحيفة أن زيارة رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية كانت تهدف في جزء منها إلى معرفة موقف طهران المستقبلي تجاه القضية الفلسطينية، وقد أكد خامنئي في لقائه أنه لا تغيير في نهج إيران وسياستها الخارجية تجاه القضية الفلسطينية.
فرضية ضلوع إسرائيل
تطرقت صحيفة "جمهوري إسلامي" إلى فرضية أن تكون حادثة سقوط مروحية الرئيس تمت بـ"مؤامرة أجنبية"، وقالت إنه على الرغم من أن الرواية السائدة منذ البداية تشير إلى أن الحادث وقع نتيجة سوء الأحوال الجوية، فإنه وبعد أيام من الحادث بدأت الأذهان تركز بشكل مكثف على الشائعات حول وجود مؤامرة خلفه.
ولفتت الصحيفة إلى أنه ونظرا إلى وقوع الحادث بالقرب من الحدود الإيرانية الأذربيجانية، وكثرة النشاط الإسرائيلي في تلك المنطقة على المستوى العسكري الاستخباراتي فإن ذلك يعزز فرضية أن تكون إسرائيل ضالعة فيه.
وجاء في تقرير الصحيفة: "تعرض مروحية الرئيس للسقوط من بين ثلاث مروحيات إيرانية عائدة من المنطقة الحدودية، يمكن أن يضعف فرضية السقوط نتيجة العوامل الجوية، ويعزز احتمال تدخل أطراف خارجية بالحادثة".
كما استند تقرير الصحيفة إلى تصريحات للخبراء والمتخصصين الفنيين الذين قالوا إن المروحية قد انفجرت في السماء قبل أن تسقط وتتحطم، وأضافت أن هذا الرأي قد يكون دليلا على ضلوع طرف خارجي.
كما أشارت إلى فرضية ثالثة تتحدث عن ضلوع طرف خارجي من خلال "تعطيل أجهزة الرصد والرادار"، ما تسبب في سقوط المروحية.
وختمت الصحيفة تقريرها بانتقاد إجراءات الحماية والأمن في سفر الرئيس الإيراني، وضعف الإجراءات الوقائية لمواجهة المؤامرات الخارجية.
دعا رئيس لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني السابق، حشمت فلاحت بيشه، السلطات في إيران إلى الكشف عن ملابسات حادثة سقوط مروحية الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ومصرعه هو ومجموعة من المسؤولين بينهم وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان.
الكاتب قال إن بدء التنافس على خلافة المسؤولين الذين فقدوا حياتهم في الحادث بدل العمل على الكشف عن حقيقة هو نوع من عدم الأخلاق السياسية، مؤكدا أن بعض المسؤولين لا يعرفون من السياسة سوى الوصول إلى السلطة والنفوذ، ولا حصة لهم من الأخلاق.
وأوضح حشمت فلاحت بيشه أن قضية سقوط مروحية الرئيس لا تزال غامضة، على الرغم من محاولات المسؤولين ربط الحادثة بسوء الأحوال الجوية.
في بعد آخر من القضية أوضح البرلماني السابق أن المسؤولين في الحكومة الحالية كانوا يدعون أن العقوبات لا تأثير لها على الوضع في إيران، بل يدعون أنها ساهمت في تقدم البلاد وازدهارها، لافتا إلى أن قضية سقوط المروحية هو دليل يفند هذا الرأي ويثبت عكسه.
وأوضح أن الشعب الإيراني هو ضحية هذه العقوبات، لافتا إلى تصريحات وزير الخارجية الإيراني السابق محمد جواد ظريف الذي حمل العقوبات الأمريكية مسؤولية سقوط مروحية رئيسي.
مستقبل السياسة الخارجية
تطرق الكاتب والمختص في الشؤون الإقليمية، صابر غل عنبري، في مقال بصحيفة "آرمان أمروز" إلى الرؤية المستقبلية لسياسات إيران الخارجية في الحكومة الجديدة، مؤكدا على الرأي السائد بأن ملف الخارجية الإيرانية بشكل عام يمسك به شخص المرشد والمؤسسات التابعة له، وأن رؤساء الجمهورية ووزراء الخارجية لا دور محورياً لهم في رسم خريطة السياسة الخارجية لإيران منذ أكثر من 4 عقود.
إلا أن الكاتب أوضح أن تغيير الحكومات يمكن أن يترك أثرا ولو كان طفيفا في المسار العام لسياسات إيران الخارجية، مستشهدا بفترة تولي محمد جواد ظريف منصب وزارة الخارجية، حيث نجح في إبرام الاتفاق النووي، وهو يعرف عنه موقفه الداعم إلى تحسين العلاقات الخارجية لإيران مع الغرب، وخصوصا الولايات المتحدة الأمريكية.
كما ذكر الكاتب أن مجيء عبداللهيان وزيرا للخارجية جعل السلطات الإيرانية تتوحد بيد تيار واحد، ما سهل مهمة التوصل إلى اتفاقيات إقليمية مثل التي حدث مع المملكة العربية السعودية، حيث دعمت كافة المؤسسات وزارة الخارجية وفتحت لها المجال لإبرام مثل هذه الاتفاقيات، حيث لم يكن من السهل تحقيقها إذا كانت الخارجية بيد حكومة مثل حكومة روحاني أو خاتمي.
وأشار إلى أن وجود شخص مثل ظريف في فترة المفاوضات النووية هو الذي قاد إلى إبرام الاتفاق، ولو كان شخصا غيره لمنيت ربما المفاوضات بالفشل.
وختم الكاتب بالقول إن السياسة الخارجية في أطرها العامة تقع في قبضة المرشد، إلا أن وزراء الخارجية يمكنهم لعب دور طفيف، والتأثير بشكل غير مباشر على هذه الأطر العامة، وإقناع النظام بانتهاج سياسة معينة في فترة معينة.